وفيما يلي الترجمة العربية للكلمة التي وجهها قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

يا مقلب القلوب والأبصار، يا مدبر الليل والنهار، يا محول الحول والأحوال، حول حالنا إلى أحسن الحال.

اللهم اهدنا هدي المهتدين وارزقنا اجتهاد المجتهدين. (١)

أتقدم بالتبريك لكل أبناء الوطن الأعزاء في أيّ مكان من البلاد وفي أيّ مكان من العالم كانوا، كما أبارك لكل الشعوب التي تحيي عيد النيروز. وأبارك خصوصاً لعوائل الشهداء المُعززة، وللمعاقين الأعزاء وعوائلهم، وأبارك خصوصاً لشباب البلاد وناشئتها مبعث الأمل ومحرّكو المسيرة الوطنية في البلاد. أتمنى لكم [في رأس السنة الجديدة] عيداً بهيجاً طيّباً وسنةً زاخرةً بالخير والبركة. في هذا العام تزامن فصل ربيع الطبيعة مع فصل ربيع المعنوية؛ أي إنَّ أشهر فروردين وأرديبهشت وخرداد (١) تزامنت مع أشهر رجب وشعبان ورمضان. نتمنى أن يتحقق النماء الطبيعي والنماء المعنوي كلاهما لبلادنا ولشعبنا هذه السنة. يتبرعم في القلب الأمل بأن يكون النماء المعنوي إلى جانب النماء المادي ذخراً لهذا الشعب ولهذه البلاد وللمستقبل. نهدي سلامنا لحضرة سيدنا بقية الله (أرواحنا فداه) ونستذكر ونُحيّي الروح الطاهرة لإمامنا الخميني الجليل.

نذكر شيئاً عن عام ٩٦ وشيئاً عن العام ٩٧: لقد شهد عام ٩٦ مثل كل الأعوام مجموعةً من المنعطفات والأحداث الحلوة والمريرة. مثل كل فترات الحياة؛ لقد تجلّت حلاوة سنة ٩٦ بعظمة الشعب واقتداره، والمشاركة الوطنية من بداية السنة إلى نهايتها. بداية السنة شهدت مشاركة الشعب العظيمة والمذهلة في انتخابات رئاسة الجمهورية والمجالس البلدية، حيث شارك أكثر من أربعين مليوناً من سكان البلاد في الانتخابات، وقد كانت هذه مشاركة جيدة وزاخرة بالمعاني. ثم كانت مظاهرات يوم القدس في شهر رمضان المبارك، وفي نهاية العام كانت مظاهرات التاسع من دي [30 كانون الأول]، وفوق كل ذلك مظاهرات الثاني والعشرين من بهمن [١١شباط ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران] المُبهِرة لهذه السنة. طبعاً في التاسع من دي ونتيجة الاضطرابات التي حصلت ـ وسوف أشير لها ـ كانت للجماهير مسيراتهم العفوية التلقائية لعدة أيام متتابعة في مختلف مدن البلاد، وكل هذا يدلُّ على تواجد الشعب الإيراني الكبير وصاحب البصيرة والجهوزية والمبادرة في كل الساحات التي تستلزم تواجده.

المحطة المهمة والطيبة الأخرى في السنة الماضية شكلتها قدرة الجمهورية الإسلامية على تحويل التهديدات الإقليمية -التي كان أحد أهدافها على الأقل توجيه ضربةٍ للجمهورية الإسلامية- إلى فرصة. فالتهديدات لم تُلحق الضرر بالبلاد، بل تحولت إلى فرصةٍ لها. والخبراء في الشؤون الدولية يُدركون ذلك جيداً.

النقطةٌ الإيجابية الأخرى كانت في المساعي التي بُذلت لإحياء وتطبيق شعار السنة الماضية وهو «الإنتاج الوطني وفرص العمل» والذي تمَّ في إطار مشروع الاقتصاد المقاوم. أنجزت أعمالٌ جيدة لتوفير فرص العمل والإنتاج الوطني. وبالطبع فإن أعمالاً كثيرة أخرى لا تزال باقية ويجب إنجازها. لقد طُبِّق هذا الشعار إلى حدٍّ ما في البلاد، ولكن ينبغي استمرار العمل بشكل كامل حتى يتحقق هذا الشعار على أكمل وجه.

وقد كانت لنا أحداثٌ مريرةٌ في سنة .. ؛ أحداث الزلزال، والسيول، والطائرة، والسفينة، حيث قضى بعض أعزائنا نحبهم في هذه الأحداث، وكانت أحداثاً مُرّةً بالنسبة لنا. بالإضافة إلى ذلك كانت هنالك حالة جفاف في بعض مناطق البلاد ولا تزال مستمرة، ونتمنى أن يُعوّض عنها الفضلُ الإلهي في الربيع. وهنالك بعض المشكلات المعيشية لشرائح معينة، وهي مشكلات لا تزال مستمرة من الماضي وينبغي على الجميع السعي لمعالجتها، وسوف أشير لهذا الموضوع، وستُحلُّ هذه المشكلات إن شاء الله. طبعاً في الأشهر الأخيرة من السنة حيث وقعت حالات توتر في البلاد وفقاً لمخططات أعداء الشعب الإيراني، نزل الشعب الإيراني بنفسه إلى الساحة، وحتى الذين أراد الأعداء أن تُسجَّلَ الاضطرابات باسمهم نزلوا هم أنفسهم إلى الساحة ووقفوا بوجه مثيري الشغب، وبالطبع كانت حادثة حصلت ووقعت، وتجلَّت خلالها عظمة الشعب الإيراني.  

فيما يتعلَّق بالسنة الجديدة التي تبدأ منذ هذه اللحظة المهم هو أن يعمل الجميع بجدٍّ وكدّ. إنني في شعارات السنوات عادةً ما أخاطب المسؤولين، لكن الذين أخاطبهم هذه السنة هم كلُّ أبناء الشعب والمسؤولون من ضمنهم. أقول مقدماً إنَّ قضية الاقتصاد والثقافة والقضايا المختلفة كلها مطروحة ومهمة، لكنَّ قضيتنا الرئيسية هذه السنة هي القضية الاقتصادية ومعيشة الناس. على الجميع أن يسعوا ويعملوا، والمحور هو الإنتاج الوطني، بمعنى أن الجميع إذا تابعوا الإنتاج الوطني ـ بالتفاصيل التي سوف أذكرها في كلمتي (٢) إن شاء الله ـ فسوف يُعالج الكثير من مشكلات الناس الاقتصادية والمعيشية ومشكلة فرص العمل ومشكلة الاستثمار وباقي الأمور، وسوف تقلُّ الآفات الاجتماعية بدرجة كبيرة. أي إنَّ المحور هو الإنتاج الوطني. وعليه إذا تسارعت وتيرة الإنتاج الوطني فسوف تُعالج الكثير من المشكلات. وقد جعلتُ هذا محوراً لشعار هذه السنة. شعار هذه السنة هو «دعم البضائع الإيرانية». إنها سنة «دعم البضائع الإيرانية». وهذا الأمر لا يتعلق بالمسؤولين فقط، فكلُّ واحدٍ من أبناء الشعب يستطيع أن يساعد في هذا المجال، وأن ينزل إلى الساحة بالمعنى الواقعي للكلمة. وبالطبع فإنَّ لهذا الدعم أبعاده المختلفة من خمس أو ستّ جهات، وسوف أفصّل هذه الأبعاد في كلمتي إن شاء الله، وسأشرح وأطرح ما تستطيع شرائح الشعب المختلفة وجميع المسؤولين في البلاد القيام به.

أتمنى أن يمنّ الله تعالى بعونه، سواء على المسؤولين أو على الشعب، ليستطيعوا النهوض بواجباتهم على أفضل وجه ويحققوا هذا الشعار في هذه السنة وهو شعار «دعم البضائع الإيرانية» بالمعنى الحقيقي للكلمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.